كن مع الثورة !

مع أقتراب يوم ذكرى ثورة 25 يناير المجيدة التى ستمر علينا بعض أيام قلائل , مرور الكرام الذى إذا لم نستعيد لها فيه رونقها المفقود منذ فترة ونؤكد على نزولنا يوم الخامس والعشرين المقبل من هذا الشهر للأحتفال بها بشكل سلمى وشرعى , بدون أن ننصاع إلى أى نظريات أو أفتراضات لمؤامرات تصورها لنا حكومتنا الغراء ويؤجج فتيلها من حين لأخر المجلس العسكرى الحاكم.

طبعا أغلبنا يُقر فى نفسه ما يقوم به المجلس العسكرى من قراءة لتحليلات للمشهد الجارى على أرض الواقع والسعى فى الكشف عن مؤامرة تُحاك خيوطها ضد مصر وشعبها , وتحديداً الآن ينفرط عقد هذه المؤامرة وتتضح بالتزامن مع الأحتفال بذكرى ثورة يناير, ولكن فى قراءات أخرى للأحداث سنرى أن الكثيرين لديهم شك أيضا فى سلامة نية المجلس فى مسألة تسليم السلطة وفى صدق أدعاءاته أيضا, خاصة مع توافد تصريحات من عينة تصريح كتصريح السيدة / فايزة أبو النجا الأخير الذى تقول فيه أن على " الولايات المتحدة الأمريكية " أن تقنن أوضاع المنظمات الحقوقية فى مصر حتى تستطيع مواصلة عملها بسلام , وبالرغم من المتعارف عليه أن تلك المنظمات تعمل فى مصر تحت بصر ورعاية أجهزة حماية أمن الدولة , لكن الغالب أن حكومتنا الحالية قد رأت أن أنسب الأوقات للإعلان عن وجود وتحويلات أموال تصل من الخارج هو نهاية عام الثورة الأول وبداية عام جديد يبدأ أول مايبدأه بالأحتفال بالذكرى الأولى للثورة.

فى الواقع أن أهم التحليلات الناتجة عن قراءة المشهد السياسى تُشير إلى وجود مؤامرات فعلا, ولكن هذه المؤامرات تكون غالباً ما فى الخفاء بشكل أو بأخر وبعلم أجهزة الدولة , ثم ماتلبث أن تصعد إلى سطح الأحداث فى التوقيت المراد لها أن تظهر فيه , والشاهد الحاضر يؤكد أن معنى المؤامرة نفسه كمفهوم مُرّكب قد ترسخ عند كثيرين من أبناء الشعب المصرى نظراً لوجود عوامل كثيرة منها ومنتشرة كـ ( تدنى مستوى الأقتصاد , سوء أدارة المرحلة الأنتقالية , الاعلان من حين لأخر عن وجود أطراف خارجية ودولية تعبث بأمن البلاد واستقراره , توالى غلق بعض المصانع الهامة فى مصر وأحلالها والأجهاز على من فيها بالتسريح أو بالتشريد .. إلخ من العوامل الأخرى) ولكن الجميع قد يتناسى أنه بغض النظر عن صحة أو كذب إدعاء المؤامرة ذاته , يبقى أن نؤكد على أمرين : وأولهما أن هذه المؤامرة وإن كانت حقيقة وتسعى إلى زعزعة وأمن أستقرار مصر فإن الواجب يحتم على المجلس العسكرى أن يُعلن عن تفاصيلها كاملة ثم يعمل على القضاء عليها وبدون الأنتظار إلى أنتهاء المرحلة الثالثة من الأنتخابات البرلمانية لمجلس الشعب وبدون أيضا أن ينتظر أن يأتى يوم 25 يناير القادم علينا ويحدث مالا يُحمد عقباه.

الأمر الثانى : وهو أن مادفع المجلس العسكرى إلى مهاجمة المنظمات الحقوقية والناشطة فى مجال عمل حقوق الانسان وهو أمر معلوم للأغلب ممن يعملون فى مجال حقوق الانسان والنشطاء الحقوقين وغيرهم , أن بعض تلك المنظمات سعت مؤخراً فى عمل ملاحقات قضائية لأعضاء المجلس العسكرى أمام هيئات قضائية مدنية , نظراً لتجاوزات بعض أفراد الجيش الذى يقع تحت مظلته , الأمر الذى لم يُقبل أو يُستساغ بالطبع لدى قادة المؤسسة العسكرية فى مصر, حتى لو ظننا وعلم العالم كله مثلنا وتأكد لديه أن ذلك المجلس العسكرى متورط فعلياً فى قتل بعض أفراد من أبناء الشعب المصرى , قد نتفق عليهم كثوار أو قد نختلف , وأنه حين حدوث تلك الملاحقات القضائية سيكون أمامنا مرحلة أخرى من القصاص المطلوب لكل من أجرم فى حق الشعب المصرى , وهو الأمر الذى لن يقبله المجلس العسكرى لنفسه , ولن تقبله قوى سياسية أخرى سيكون لها دوراً فى قيادة أدارة مستقبل مصر حتى وإن أعلنوا أنهم رافضين لممارسات المجلس العسكرى مراراً وتكرارا.

أخيرأ , أذكركم بأنه من الواجب المنوط إلينا به جميعاً أن نحتفل بذكرى قيام ثورتنا المجيدة فى أول ذكرى لها يوم 25 يناير المقبل , حتى وإن كان أحتفالنا هذا كأساً نتجرع منه ما يُنسينا ما آل اليه مسار الثورة , ويجعلنا فى نفس الوقت لا نهتم أننا كنا بصدد تحقيق مطالبها التى دعت إليها من أول يوم , مع العلم أنها قد تكون كأس الأحتفال الأخيرة إذا لم نتيقن جيداً وأن نعىّ أن الثورة تضيع من أيدينا يوماً تلو الأخر, والجميع الآن قد أنشغل بأحتفال أخر وهو " حفل تقطيع التورتة المباركة " ومتصارعين على من له سيكون فرض " أغنية الختام " .. لكم سلام وأحلى ختام .. , " كن مع الثورة " أرجوك.


محمد حمدتو
2012-1-2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفني تعليقك :)