هذا الخبر من جريدة رسمية !


الإقتصاد بينهار !
الإحتياطي بيخلص !!
العجلة واقفة !
يوجد مؤامرة على الوطن !



يتداول الناس الآن خبراً على صفحات الأنترنت يتحدث عن عائدات "منجم السكرى فى الصحراء الشرقية " من الذهب , وتم نشر معلومات غير معلوم مصدرها فى شكل خبر مرفق به مقاطع فيديو على موقع يوتيوب تتحدث فى هذا الأمر .. ذكر الخبر أن هذا المنجم يصل إنتاجه إلى مايقرب من 10 طن من الذهب فى اليوم الواحد حيث تصل نسبة تواجد الذهب فى الطن الواحد إلى 21 جرام , المعلن للعامة فقط هو جرامين , وقد تضاعفت نسبة الإنتاج فى هذا المنجم إلى الضعف بعد قيام الثورة.


وأن أيضا هذا الجبل لا يوجد رقابة من أجهزة الدولة عليه كما ذكر الخبر المتداول على صفحات الفيس بوك وبعض المواقع الإخبارية , بل يتم تهريب أغلب الإنتاج من مطار خاص بالشركة الاسترالية التي يسيطر عليها جهاز المخابرات المصرية برئاسة عمر سليمان وبإشراف كامل من رجال مبارك حتى اليوم ومكان هذا المطار الذى يتم التهريب منه على بعد 300 كيلو متر جنوب غرب مرسى علم.


الحقيقة أنى لا أعلم صحة هذا الخبر , ولا مصدره من أين ؟؟ وهل ما نقل فيه عن إمتلاك عمر سليمان هذه الشركة التى تقوم بتهريب الذهب لصالح النظام السابق هل هو صحيح أم لا , وهل يوجد فعلا مطار خاص بتلك الشركة على بعد 300 كيلو متر جنوب غرب مرسى علم , ولذلك لم أفكر فى الكتابة عن هذا الموضوع برغم مرور فترة على تداوله على الإنترنت , إلا بعد أن رأيت جريدة الأخبار وهى تعرض تحقيق مع المهندس يوسف الراجحي مدير عام الشركة الفرعونية صاحبة امتياز استغلال مناجم ذهب السكري بالصحراء الشرقية وقد ذكر أن عائد المنجم لم يزد عن 7 أطنان فقط منذ بدء التصدير فى يناير 2010 , ثم أنكر الراجحى تماما ماتردد عن صحة تلك المعلومات المنتشرة والتى شغلت العامة , وأعلن انه تقدم ببلاغ الي النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود يطلب التحقيق معه في الاتهامات الجزافية التي تنشرها الصحف حول استغلال عمليات تصدير الذهب في غسيل الاموال أو تهريبها خارج مصر.


مالفت نظرى فى هذا الخبر المنشور على جريدة الأخبار الأسبوع الماضى أنه ذكر أن عائدات التنجيم واستثمار الثروة المعدنية في مصر كفيلة بأن تحقق لها أكثر مما تحققه قناة السويس والسياحة والبترول معا مجتمعين !!.


لذا أوجه بعض الأسئلة لكل من يهمه الأمر ربما ليس لها علاقة مباشرة بالموضوع أعلاه ولكن ترتبط نوعا ما بشكل خفى بالواقع الحالى فى مصر :


1- لماذا نسعى دائما لمد أيدينا فى طلب مساعدات مالية من دولة أو أخرى لن تفعل معنا ذلك حباً فينا أو إكراماً لنا وإنما تفعل ذلك لتحافظ على مصالحها التى ترتبط بوجود نظام كالنظام السابق؟؟,هذا من جهة ومن جهة أخرى ما الهدف فى الأستدانة من البنك الدولى ونحن فى أشد الحاجة لأن نبتعد عن أى محاولة لفرض أى أرادة تكسر عزيمتنا فى الأنتقال إلى مصاف الدول الديمقراطية فى تلك الفترة بسبب تلك التبعية الإنهزامية الناتجة عن ذلك وتجعلنا نسدد فواتير أخرى سياسية لحساب دول أعداء لنا ؟.


2- ثم أين ستذهب إذن العائدات الرهيبة التى تفوق عائدات السياحة وقناة السويس والبترول مجمَّعين إذا بدأنا الآن فى الأعتماد على مالدينا من مخزون ذهب وتنجيم عن ثروات معدينة تكفينا وتسد العجز الرهيب فى موازنة الدولة كما هو المشاع الآن ؟؟.


3- هل سيكون لأجهزة الدولة دوراً فى الرقابة على ما يتم إنتاجه من هذا المنجم أم غيره من الثروات المكتشفة لاحقا؟ أم ستظل الشائعات والأجتهادات هى مصدراً لمعلوماتنا عنها ونفتقد الشفافية كالعادة فى كل شأن مصرى يهم كل مصرى كهذا الأمر أو كالغاز المصرى المصدر لإسرائيل مثلا.


الأجابة هى : لدى كل مصرى حريص على البلد ويسعى للحفاظ على ثرواتها !.


ثم ننتقل إلى التساؤل الذى قد لا يكون مرتبطاً بالخبر نفسه ولكنه يرتبط بمايشاع حالياً بخصوص النزول يوم 25 يناير المقبل لإستكمال مطالب الثورة : لماذا التحجج دائما بأن من يضرون الأقتصاد ويعطلونه هم من يطالبون بتحقيق مطالب الثورة والتى لم يتم تحقيق أغلبها حتى يومنا هذا ؟! , كالمطالبون بإلغاء الطوارىء الذى لم يعد له فائدة تذكر سوى فى أستخدامه ضد كل صوت مناهض للشرعية الحاكمة الآن , والمطالبون بمحاسبة المجرمين وقتلة الشهداء ومن أفسدوا الحياة السياسية فى مصر وقاموا بسرقة أموال الشعب , والمنادون بالعفو عن المحكوم عليهم أمام القضاء العسكرى بأحكام تصل إلى 5 سنوات و3 سنوات فى الغالب وهم كثرة , حيث تحت الضغط تم الإفراج عن 1959 فرد فقط بقرار من سيادة المشير قبيل ذكرى الثورة الأولى من أجمالى 11 ألف شخص لا يزالوا محبوسين الآن , وهم أغلبهم الثوار والنشطاء السياسين ! , لماذا دائما الحديث فقط عن توقف عجلة الإنتاج ونحن لم نستعيد المليارات المهربة للخارج ولم نسعى فى ذلك بشكل جدى ؟؟! , لماذا لم تسعى السلطة الحاكمة فى الفترة الإنتقالية بالقيام بدورها الصحيح نحو معالجة مصابى الثورة بالشكل الذى يليق بهم كأشخاص ضحوا من أجل هذا الوطن مثلما قاموا بدورهم بعلاج مبارك فى مستشفى يعد من أكبر المستشفيات وأفخمها ؟؟ .. لماذا لم نشعر بعد بأن الأمن قد عاد وأن سياسات الشرطة تبدلت إلى الأفضل وأن منهجها أصبح فعلا هو خدمة الشعب لا الهيمنة على حقوقه , أتمنى أن نعلم جميعاً أننا لم نحقق أهداف الثورة التى قامت من أجلها حقا حتى الآن والتى كان ملخص أهم طلباتها " عيش , حرية , عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية .. فقط تفكروا وتدبروا .. ولا تظنوا ان النزول يوم 25 للتأكيد على مطالب الثورة هو مؤامرة لتخريب البلد كما يقال ويشاع على كل المنابر الإعلامية والصحفية التى أرتضت أن تسير مع التيار الأعلى صوتا الآن والذى يدعو للدفاع عن البلاد من المؤامرة التى تستهدف أمن البلد !! , إن النزول هو تأكيد على تلك المطالب وحث المسئولين فى مواقعهم للعمل على تحقيقها , لسوف ننزل بشكل سلمى ولن نخرب أبداً ولن يكون التخريب منهجاً لنا وسندافع عن كل مؤسسات الدولة من التخريب بل سنصد أى عدوان من أى جهة تسعى للتخريب .. والتى نتفق جميعا أنهم هم من يرغبون فى أن لا تنتقل دولتنا إلى الحكم الديمقراطي الذى سينال من هؤلاء المجرمين الذين يقبعون الآن فى أنتظار مصيرهم المحتوم .. هلا عرفتموهم ؟!


محمد حمدتو
2012-1-24

الأحتفال بذكرى الثورة الأولى .. كيف يكون ؟؟




الأحتفال بذكرى الثورة الأولى .. كيف يكون ؟؟



إن الواقع الماثل امامنا الآن فى مصر يوحى بأنها تسير فى طريق الديمقراطية السليمة ولكن بخطوات ثقيلة نوعا ما ومكبلة , نظراً لأن اغلب القوى السياسية الآن وبعد مرور عام تقريبا على بدء الثورة لم تتفق على مطالب واحدة ومحددة ومتفق عليها من جميع التيارات السياسية المختلفة , وبالرغم من إنتهاء الفترة المحددة سلفا للإنتخابات البرلمانية لمجلس الشعب بحسب خارطة الطريق التى وضعها للبلاد المجلس العسكرى , وكذلك سعينا الدءوب نحو طريق الديمقراطية التى رغبناها منذ بدء الثورة , إلا أن الاختلافات تتعدد حول مسألة وضع الدستور أولا أم البدء فى الأنتخابات الرئاسية , حتى وإن تذكرنا سوياً نتيجة الاستفتاء الذى مارسه المصريون فى مارس الماضى , والذى كان يضمن داخل أحدى بنوده حسم أمر الدستور وتقديم الانتخابات الرئاسية عليه.

ومع حلول ذكرى ثورة يناير المجيدة , وقبيل الأحتفال بها , وجب علينا أن نتذكر جميعا أن اغلب الوعود التى قد قطعها المجلس الحاكم فى مصر على نفسه خلال الفترة السابقة وحتى حينه لم تتحقق , حتى نتيجة الاستفتاء نفسه التى أجمع عليها الشعب قد أُلغيت بإعلان دستورى قوض الفترة الإنتقالية لصالح من قام بوضع هذا الإعلان , وخدم فى نفس الوقت فكرة وجوده فى السلطة , والتى نختلف أو نتفق على شرعيتها , وهو الآن يسعى حثيثاً لتذكيرنا بأهمية الأحتفال بذكرى الثورة الأولى , وفى الوقت نفسه يطلب منا أن نوافقه على ذلك ونحن نؤمن يقيناً بأن المطالبات التى نادت بها الثورة فى بدايتها ودفع الكثيرين من أبناء هذا الوطن أرواحهم لتحقيقها منذ ذلك الوقت لم تتحقق حتى الآن , ولم يتم تنفيذ شىء منها بإستثناء كما ذكرنا " الإنتهاء من الانتخابات البرلمانية لمجلس الشعب" فقط بعد شهور طويلة منذ أن تسلم مقاليد الحكم فى البلاد.

كما أن بعض الأصوات التى تنادى بفكرة الخروج الآمن لم تبرر لنا , لما تطالب بذلك فى الوقت الذى لم نتيقن فيه ونتحقق جيداً من صحة الأخبار المنتشرة الآن , والتى سعى إعلام النظام الحالى على تأكيدها دائما بعد كل أزمة تحدث فى مصر ويكون المجلس العسكرى طرفا فيها , مرة يقوم هذا الإعلام بتخوين القوى الثورية وتشويه كل من دعا للثورة قبل مولدها وهم الذين لم يكونوا يعلموا التوقع بحدوثها أصلا , ومرة أخرى بتمجيد أداء المجلس العسكرى ودوره فى قيادة البلاد خلال الفترة الإنتقالية , وعلى صعيد جانبى أخر . نرى غض الطرف من البعض ممن هم فى موقع السلطة الآن عن أشياء لا يمكن أن كانت تحدث فى نظام الرئيس المخلوع " مبارك " على هذا النحو المبالغ فيه , كالأعتقالات السياسية لأصحاب الرأى من الشباب والمحاكمات العسكرية للشباب الثوار التى لم تنتهى بعد وأسفرت عن بلوغها رقم فلكى يصل إلى مايقرب من أثنى عشر ألف شخص , لا نعلم عن مصيرهم شيئاً حتى الآن , فى ظل شكوك بوجود تحالفات بين قوى سياسية منتخبة وسُلطة تحكم البلاد الآن.

ينبغى الأشارة إلى أن التصريحات الأخيرة لأكبر فصيلين سياسين يمتلكان الآن مقاعد فى مجلس الشعب بعد الثورة تبعث على التفاؤل الحذر , حيث خرج علينا أمس الأول حزب النور السلفى على لسان المتحدث الرسمى له مصرحاً : أن الحزب سيتواجد بقوة فى ميدان التحرير يوم 25 يناير ليعمل على الحفاظ على سلمية الثورة وإستكمال مطالبها وفقاً لخارطة الطريق التى تم التوافق عليها , مع رفضه لفكرة "الخروج الآمن لأعضاء المجلس العسكرى" والجزم قطعاً بأنه لا يوجد حصانة لأحد ووجوب محاسبة من أخطأ , كذلك صرح المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون المنبثق عنها حزب الحرية والعدالة فى تصريح لاحق لتصريح حزب النور : أن الجيش نحترمه ونقدره أما المجلس العسكرى فلابد من أن يحاسب على أى أخطاء ومن عنده له مظلمة فليتقدم بها ولا أحد فوق المحاسبة , هذا من جانب ومن ناحية أخرى لم تحدد الجماعة موقفها من النزول يوم 25 يناير المقبل للتأكيد على مطالب الثورة وماتدعو له منذ أن قامت.


ختاماً .. علينا أن نؤكد على أهمية أن نتحد سوياً بكل إنتمائتنا الحزبية والسياسية المختلفة من أجل أن تنجح مطالب الثورة وتتحقق قريباً , وكذلك يجب أن ننحى المصالح الشخصية والخلاف التحزبى , وأن نعمل من أجل الصالح العام لمصر الذى يحمى لنا أقامة دولة ديمقراطية جديدة , قائمة على موازيين العدل والمساواة والمواطنة والحريات وأحترام حقوق الأقليات.


محمد حمدتو
2012-1-21

عزيزتى السمراء




أفتقدتك بشده

وإلى الآن أستشعر حنانك
أتذكر يديك الحانيتين
فوق جبينى المتيَّم بحبك
أتذكر يوم مرحنا سويا
لعبنا سوياً خلف الأشجار الصمَّاء
حينها تساقطت حولنا وريقات الشجر

كم كنت أُحب أن أُلاطفك
أُداعب وجنتيك بشوق
أبث مشاعر حبى إلى شفتيك المكتنزتان
عبر أثير الأشواق الحالمة

تمنحنا الدنيا سعادة ماتلبث
أن تقسو علينا بجفاء
كم يوم مر علينا نهارا
وعشية وضحاء
جالسين على ضفاف حبى وحبك
تناجين معى قمرك وقمرى

وقمر السَّحر يداعب خصلتيك
ينحنى إجلالاً لعظيم صنعك
فأنت من وهبتيه الضياء
وقمرى قمر النهار يفرك عينيه
تأثراً من ضياء وجنتيك

أستشعر وجودنا معا
فى تألف الترس بالعجلة
فى تناسق زهرات الربيع
فى تساقط حبات الرمل تباعاً تباعا

كم يوم مرّ دون أن أدرى أنك بداخلى
بجوارى .. فى أعماق أعماق نفسى
تنحتين أسمك
على عرويقات جسدى تكتبين
ويتلألأ حبرك الأزرق الزاهى
وهو يخط على شريانِ كلمة أحبك

تسرى قشعريرة الفرح بجسدى
تمر وكأنها حلقات نشوة متتابعة
تهز كيانى وكأنها ريح عاتية
لا تلبث أن تهدأ بعد وطأة حب

أين أنتِ ياسمرائى الجميلة
ويازهرة البستان العليل
كم أشتاق إليك وأنا فى غربتى
فى وحدتى حيث تتضائل الأشياء

تنفك المعانى ومفرادتها .. تتحلل
كل المركبات العتيقة وتنخرط
فى مشاعر حب ينقصها الصفاء

أحتاج إليك فى كل وقت وحين
فى كل محنة فى كل فرحة
فى كل ظلمة وضياء .. تمنيت
أن نكون سويا لنتشارك كل الأشياء

أشتقت إليك عزيزتى السمراء

محمد حمدتو

الطبقة البرجوازية وعقاب الثورة



الطبقة البرجوازية لم تنقرض بعد فى مصر هى فقط تحتاج إلى من يلحظ وجودها ويعيد إليها البريق لتطفو إلى السطح من جديد , الآن وقد أشتد رمقها وجاوزت كل سبيل لكى تثبت للجميع أنها لازالت على قيد الحياة , تلك الطبقة التى نراها بشكل يومي فى مناحى حياتنا ..
فى الشارع تقرر لنا نفسها, فى التلفزيون تطل علينا من خلال أراء متفردة وعجيبة , قد أكون أنا شخصيا أنتمى إليها دون أن أدرى ! ..

هم بشر كخلقتنا ويأكلون مثلنا ويشربون من نهر النيل أيضا كما نشرب, الفرق فقط بيننا وبينهم أننا ندرك الواقع من منطق الأحساس , أما هم فينظرون إلى الواقع وما يدور حولهم وكأنه ليس مقنعاً لهم ولا يرتقى لسمو فكرهم حتى ولو أتفقوا معه قليلا من الوقت.

وحتى نربط بين أن كيف يكون عقاب الثورة وعلاقة ذلك بالطبقة البرجوازية , علينا أن نخوض أكثر فى تفاصيل تلك الشخصيات , فبنظرة عابرة سريعة بعد أحداث ثورة يناير سنجد أنه يوجد فصيلاً ليس بالهين ولا بالمستصغر يقف ضد هذه الثورة ويتمنى أن لم تكن تحدث بعد, هؤلاء فى قرارة أنفسهم يشعرون بأهتزاز مواقعهم بعد تلك الثورة التى سلبتهم أشياءاً لم يكونوا على أستعداداً لفقدها بعد, وإليك عزيزى القارىء :

دكتور جامعى يعيش منذ أكثر من ثلاثون عاما فى دولة عربية , يعمل هناك طوال تلك المدة يطل علينا فقط مرة كل سنة أو سنتين , ربَّى هذا الرجل أولاده جيداً على قيمة الأنتماء للوطن الجديد , ويعاونه على ذلك زوجته التى تدرك من خلال سابق خبراتها فى الحياة أن تلك الثورة لا تمثل لها شيئاً وأنها تشكل لها تهديداً كبيراً على مصالحها وماتملكه, فتقوم بتحفيز أبنائها البالغين وتفرض عليهم أرائها الشخصية فى تلك الثورة وما تلاها من أحداث , حتى صاروا تابعين لها كالقطيع الذى ما يلبث أن يضيع إذا ماتركه صاحبه , فهى متى قالت لا لشىء قالوا معها لا, ومتى وافقت بنعم لحقوها بنفس الكلمة , البرجوازية هنا تكمن فى أنه حينما لا تدرك معاناة الأخرون ومن هم حولك ومن ثم تعزل نفسك بأفكارك فى برج عالى حتى لا تقبل النقاش , لى صديق له أخ أكبر يعمل ضابطاً بالشرطة المصرية كانت أمانيه أن يرتدى البدلة الميرى مثل أخيه ولكن رغبة الأب أجبرته على دخول كلية الهندسة ليصبح مهندساً ميكانيكياً , كان ولازال يحلم بأن تكسو البدلة الميرى جلده الأبيض, والده لواء بالقوات المسلحة على المعاش ويرى ككثير من لواءات الجيش وضباطه أن هذه الثورة هى ثورة فاشلة وأنها ثورة الخائنين وأن أتباع امريكا اللعينة هم من قاموا بها , هذا لاينفى أن هؤلاء لا يعبرون بالضرورة عن رأى باقى الضباط فى الثورة.

تفسيرهم الوحيد لهذا الأمر يأتى من منطلق شخصى تربى على نظرة فوقية من نفس البرج العالى لكل ما يخص الأخرون , الشخص فيهم تترفع كثيراً نفسه عن أن يتناقش مع الناس فى أمور حياتهم ومقدراتها , أليس كل ذلك برجوازية ؟؟.. , ثم يشكك هؤلاء أن هذه الثورة هى ثورة جياع وفى أن مادفع الناس لكى تخرج وتتظاهر وتثور ضد النظام السابق هو الفقر والجوع , كل تلك الحقائق يعلمها هذا اللواء ومن هم على شبيهته, ولكن فى قراره يقول مالى أنا والناس طالما مصالحى الشخصية لا تهتز ومعاشى سارى وأركب سيارة محترمة وأولادى يعملون فى مناصب مرموقة , إليك عزيزى : صيدلانية خريجة عام 2001 لاتعمل منذ فترة ومطلقة , لديها طفل من طليقها وتحمل بغضا كبيراً لتلك الثورة , أعلن أمامكم أنها على باب الله ولا تملك ما تنفق به على طفلها وعلى نفسها, من أول يوم للثورة وهى فى حالة تنافر معها , تؤيد أحمد شفيق رئيسا للجمهورية , نحن نريد الأستقرار والأمن , تذهب كل ليلة إلى قهوة البُرصة فى وسط البلد , تجلس مع الأصدقاء ليتجاذبون أطراف الحديث بينهم ثم تنهى جلستها وهى فى شدة الحنق بعد مناقشات طولية وجدلية حول تلك الثورة وماقد ألت إليه , فقط علقت كل خيبة أملها فى الحياة على الثورة ,ثم ماذا حققت لنفسها من أنجازات على المستوى الشخصى؟ لايوجد شىء , هل فعلت مايجب أن تفعله أو حتى سعت بحثاً عن عمل يدر عليها دخل شهرى تنفق منه على طفلها وعلى نفسها.. لا أظن .

أليست تلك برجوازية أذن ؟؟ ..

البرجوازية وإن أختلف التأويل المطلق فى معناها , هى الشعور بالفوقية , التى ترى ما لايراه الأخرون من واقع شخصى وفى نفس الوقت تُصر على صحة ماتراه من باب تعصب أعمى مبنى من الأساس على رؤية ثابتة ولا تتبدل حتى ولو تعاطفنا مع أسبابها فى الأصل سندرك سريعاً أن بواعث تلك البرجوازية المريضة نابعة من إخفاق فكرى ونفسى يلقى بتبعات إخفاقه على الأخرين, بعض أُناس نراهم لاهم معنا ولاقد رُحمنا من حصاد ألسنتهم , لاهو خرج يوماً ليعبر عن رأيه ويرفض الظلم والفساد , ولا حتى شارك فى المظاهرات , فقط يجلس على القهوة يدخن الشيشة ويسب ويلعن فى شباب التحرير ومن ورائهم , يصغى إلى بيانات المجلس العسكرى ويصدقها على الفور بل ويحفظها عن ظهر قلب ويرددها دائماً بفخر منتشياً بها.. يتمنى أن لو كان أخفق الثوار يوما كما أخفق هو فى ترك شرب المخدرات , كانت أمنيته فى الحياة أن يجعلها عادة أسبوعية يمارسها يوم الخميس مع الأصدقاء, ولكن هيهات وهو لا يقدر الأستغناء عن لذة المخدر التى تُفقد آلة الزمن خصائصها لديه وتجعله يحلق عالياً حتى يصل إلى قمة ذلك البرج العالى , فيقف حينها مشدوداً منتبهاً ليلقى بفكرته على العوام " مثبتاً فكرة أنه هو العاقل الوحيد الذى يدرك حقائق كل الأشياء "مصدقا نفسه وممنياً روحه بمستقبل أفضل .. برجوازية فكرية لا تلبث إلا أن تودى به إلى صناديق مزبلة التاريخ. , رجل أعمال .. يملك قنوات فضائية شهيرة ومنبر صحفى عريق , يسمم أفكار الخاصة والعامة دون إدراكهم لذلك أو مع إدراكهم لذلك مع إرخاء الجفون ! .. , يسخر آلاته الإعلامية فى خدمة مصالحه ويسبح بحمد النظام ليلاً مع نهار , ينخدع الأكثرية ببرامج التوك شو التى تقدم على قنواته وبرامج المغنى والطرب التى يأتى لنا فيها من كل حدبٍ بمطرب مشهور أو مطربة "مفرقعة ", سياسته الإدارية مبنية على تحقيق أفضل المكاسب حتى ولو كان الثمن هو تهميش العقل والثقافة عند الناس وإبدالها بثقافات أخرى وضيعة , الأهم لديه ما سيربح هو ! , ونصيح نحن الثوار أنه من الفلول ! وقائد عظيم من قائدى الثورة المضادة , لكن أبداً فالخدعة أكبر من أن تحتوى أو أن يدركها عقل , نماذج برجوازية لا ترى إلا مصالحها الشخصية ومادامت تلك المصالح تعمل وبكفاءة ولا يعطلها شىء فما المانع إذن من الإنفراد بالقطاع العريض من الجماهير والذى ينساق إلى تلك الشخصيات سريعاً وهو واهم أنها ستغير له حاله من النقيض إلى النقيض , ثمة شىءٌ أخر وهو :

أنه كيف تكون برجوازى بسهولة وبدون بذل عناء أكبر ؟؟..

عليك أن تذهب لهؤلاء .. تترقبهم .. تشاهد طريقة حياتهم .. تشاركهم أسلوبهم .. لا تحاول أن تفرض رأيك أبدا ! , فقط كن مطيعاً إلى أقصى حد ممكن , أو أسمع نصيحتى .. بلاش تروح خالص !!.. دعنى أحضر لك فيلما رائعاً نشاهده سوياً .. فوزية البرجوازية .

ملحوظة :
الشخصيات التى قُدمت هى من واقع خيالى محض وليس لها علاقة من قريب أو من بعيد بأى شخصية يراها القارىء حتى ولو ظن ما ظن فيها أو تشابهت عليه أى شخصية منها.


نشرت بموقع جريدة الشروق الألكتروني بتاريخ 6/3/2012