المتكالبون على الثورة




المتكالبون على الثورة



كثيرون حول السلطة وقليلون حول الوطن , هكذا حال مصر الآن أو كما قال مهاتما غاندي المناضل الهندي الشهير , قالها ولم يكن يدرك أنه ليس الوطن الذي دافع عنه في محاربة الاستبداد ومن أجله قد ناضل وسجن وقتل , ليس فقط هذا الوطن الذي قد صدقت فيه تلك المقولة , إنما يوجد أوطان أخرى من المفترض أنها على أعتاب تحقيق الديمقراطية مثل مصر.



المتكالبون على الثورة تكاثروا وتزايدت منابرهم ومواقعهم بشكل كبير , إعلام الفلول تفشى وفاق الحد والوصف , أستثمر فلول النظام السابق أموالهم الطائلة في صناعة ميديا ضخمة وأنفقوا عليها بسخاء , ففتحت لهم قنوات وفضائيات جديدة وتم شراء قنوات أخرى من أصحابها , وسرّحوا منها كل صوت حق يسعي لكشف مخططاتهم ومايدبرونه للقضاء على الثورة وابدالهم بأخرون يخدمون توجهاتهم ومصالحهم , واستطاع هؤلاء تسخير تلك الأبواق في خدمة رسالة حددوها مسبقا وأتفقوا عليها , وقاموا بتجنيد الاعلاميين الفاريين من تحت عباءة التلفزيون المصري لكي يقدموا للجمهور تلك الرسالة المغلفة بروح الثورة والتي حين يطّلع عليها الثوار أو من يشبهم لأول وهلة يفهم معناها ( الثورة = فوضى + انعدام أمن ) وقد نجحوا في ذلك نجاحا ملحوظا دعهمهم في ذلك خذلان وانحطاط ملحوظ في أداء المجلس العسكري الحاكم , بجوار نغمة التخوين السائدة الآن واتهامات العمالة التي توزع جهارا وبكل وقاحة على كل من تُهيأ له نفسه مقدرة بداخلها على فعل قد يدفع ثمنه مستقبلا ( كما جنيت على نفسها منظمات المجتمع المدني حينما سعت على ملاحقة أعضاء المجلس العسكري قضائيا ) أمام ساحات القضاء المدني على كل جرائهم التي أرتكبوها في حق الشعب المصري فدفعت هي بذلك الثمن بأن أصبحت في مكان من كانت تتمنى أن تراهم وراء القضبان.


المتكالبون أيضا دعاة وشيوخ سلطة أو بالمصطلح الدقيق ( شيوخ سلاطين ) وهبوا أنفسهم للدفاع عن من هم في موقع السلطة أياً كانوا , لم نسمع لهم صوتاً من قبل حين كنا في أمس الحاجة إليهم ليقوموا بدورهم الحقيقي ويقدموا النصح للسلطان الحاكم حينما أجار على شعبه , فلم يطبقوا الحديث الشريف " أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " إنما كان جهادهم من نوع أخر مختلف ومميز جعلهم في مصاف الصفوة والمستفيدين بقربهم من السلطة , لم يخرجوا أبدا من اجل شعب أُنهكت قواه وخارت عزائمه وأصبح العدم غذائه حيث لا مورد له , والتلوث أكسجينه حيث لا صحة ولا هواء , والمرض حليفه وقرينه حيث لا رعاية ولا علاج , وتسليته الوحيدة في الحياة كانت مشاهدة مباريات المنتخب القومي والانجراف في التشجيع رغبة في النسيان أو التناسي , والفرجة على افلام عادل إمام وهو يقبل الصبايا كانت هي الملاذ لاخراج مابه من شهوة أو رغبة لم يعد قادرا على تفريغها بشكل شرعي حين فكر في أن يعف نفسه ويصونها بالزواج فوجد الأمر أكبر بكثير مما تصور أو تخيله عقله.


المتكالبون صعدوا على السلطة الآن وفي أيديهم كل الصلاحيات التي منحتها لهم تلك السلطة حين أختارهم الشعب ليمثّلوهم في البرلمان , وظننا كما ظن من منحوهم أصواتهم أنهم سيعيدوا الحقوق المسلوبة والأموال المهربة , وأنهم سيحاكمون القتلة وأعوانهم وسيقوّضون أذناب فلول النظام البائد أو سيشلون حركتهم حتى لايعثوا فى الأرض الفساد , فلا رأينا حقوقا أُعيدت ولا أموال أُستردت ولا رأينا حساب ولا عقاب لمن أجرموا وقتلوا وأصابوا الكثير من أبناء الشعب المصري , ولا أنتهت في أيامهم البلطجة وتلاشت أثارها , ولا تم حساب من أجرموا وزجوا بالجيش المصري في مواجهة مع الشعب في أكثر من موقعة , ولم يسعى أحد منهم في تهدئة الرأى العام بأتخاذ أي اجراء مناسب يشفي الصدور ويهدأ من روع الآمنين ويطمأن العامة على مستقبل البلاد في عهدهم , لا أعلم متى يستشعر النواب الموقرون في المجلس الموقر ( مجلس الشعب ) حجم المأسي التي نعيشها الآن , متى سيعملون على اخماد النيران التي لازلت مشتعلة في صدور الأمهات ممن فقدوا أبنائهم , وشيئا فشيئا بطبيعة الحال سيُنسى أي حق مشروع أو وراءه مُطالب كما نُسي غيره وضاع في صخب الأحداث وتتابعها , وبعد عام مضى على قيام ثورة كانت من أهم مطالبها " العيش والحرية والعدالة الأجتماعية والكرامة الأنسانية " تتكالب كل القوى المتصارعة على الوجود في السلطة وأخرى على البقاء بعيدا عن أسوار سجن طرة , في مطاردة أي أثر ملموس للثورة وتسعى جاهدة للقضاء عليها , هكذا أشعر ولا أخفيكم بداخلي خوفاً من كل ماسبق ولا ملامة عليّ أو على غيري , إنما اللوم كله على من غفل قلبه وعقله عن الحق وجعله شيئاً فشيئاً ينسى ماقامت من أجله الثورة ودعت له منذ أن بدأت.


المتكالبون على الثورة لم يسعوا لضبط الأمن المنفلت زمامه وتحقيق الأمان في البلاد , بل حرضوا آلاتهم الاعلاميه لترويج فكرة باطله , وهي أن الشرطة قد كسرت شوكتها وفقد أبنائها الثقة في العودة لممارسة مهامهم من جديد دون تعرض الشعب لهم بالايذاء , وكأنه مكتوباً على هذا الشعب إما أن يرضخ لأسلوب العصا أو أن يلجأ لحماية نفسه بنفسه , وقد أغمضوا العين عن ان فكرة " الباشا " ضابط الشرطة , هي فكرة داخلية قد نبتت مبكراً بداخل ضابط الشرطة منذ أن كان طالبا في ( أكاديمية مبارك للأمن ) وتم رعايتها بعناية وأثمرت عن نشوء جيل كامل بل أكاد أجزم أنها أجيال بكامل قوتها إلا من رحم ربي وهم الشرفاء فيها , هؤلاء المخدوعون يؤمنون بتلك الفكرة بل ويورثونها لمن يخلفونهم , وهي حجة باطلة لا شك .. فلا الشرطة كسرت في الأساس ولا الأمن قد عاد ولا تحقق النجاح المرجو للشعار " الشرطة في خدمة الشعب " والعائد بعد حدوث الثورة.


المتكالبون على الثورة هم فينا وفيهم , وفينا حين صمتنا على أن تسرق الثورة وأهدافها التي قامت من اجلها بدون أن يتحقق لها النجاح المطلوب , ولم نظل على إيماننا بها بنفس القدرة التي بدءناها حين قامت من أول يوم , وفيهم لكل ماسبق عرضه اعلاه , وحيث لا آمال بدون العمل , علينا أن نفيق من السبات الطويل الأمد الذي نحن فيه ولن يؤدي بنا إلا إلى اعادة صناعة النظام السابق بكل تفاصيله وهيئته التي كان عليها قبل الثورة , وأن نرفع قيمة حب الوطن بالعمل من اجل حمايته ممن يسعى ليتكالب عليه طمعا أو سطوا .. الجميع سواء .. والله من وراء القصد وهو أحكم الحاكمين.

محمد حمدتو
25-2-2012

نشرت بموقع جريدة الشروق الألكتروني بتاريخ 27/2/2012


البرادعي فكرة وأنتهت بقُبلة !



إذا كان البرادعي كما شاهدناه جميعا أمس وقد عُين كرئيسا للجنة تحكيم مهرجان برلين السينمائي فى نسخته 2012 (السينما من أجل السلام) فهو لا شك بحسب ما أعلم من سابق دراستي الأكاديمية وحدود علمي فى متابعة مهرجانات الأفلام المختلفة قد شاهد جميع أفلام هذا المهرجان , إذن القضية الرئيسية ليست هي القضية التى تشغل الجميع الآن , ليست القضية مشهد قُبلة أبوية طبعها البرادعي على خد الممثلة سابقا والمخرجة حاليا (أنجلينا جولي) أو كما تناول البعض الحدث وحصروه بداخل هذا النطاق , بقدر ما هو إقرار فعلي من (مدير وكالة الطاقة الذرية السابق) بكل ما تضمّنه محتوي هذا الفيلم " الحب في أرض الدماء والعسل " من احداث دراماتيكية تتناول قصة غريبة الوضع والشكل تحدث فوق أرض مُورس فوقها أكبر مذابح بشرية خلال نهايات القرن الماضي من قبل الصرب ورويت بدماء أبنائها الطاهرة أرض البوسنة والهرسك , وأبطالها (تلك القصة) أبطال المشهد الرئيسي في الصراع القائم بين الطرفين.


إن الفيلم الحاصل على (جائزة أفضل فيلم يدعو للسلام) فى المهرجان , فى حقيقة الأمر يدعو لتمييع القضية الرئيسية الخاصة بمسلمي (البوسنة والهرسك) و المنتهكة أعراضهم قبل حقوقهم فى وطن يحتويهم من قبل الصرب المجرمون الباغون عليهم كما هو المعروف فى الماضي للجميع , ويقوم هذا الفيلم على فكرة تضليل العالم بشأن كل ماحدث فى الماضي , بل يصور الأمر كله وكأن كل ماسبق كان شيئا طبيعيا جدا ومن الممكن أن نقبل به إذا ما أسقطناه من الذاكرة ثم قررنا ان نتعايش من جديد جنبا إلى جنب فى سلام !! .. أو كمن يصنع فيلما سينمائيا به لقطات اباحية مقحومة عليه ليس إلا ليحقق به مكاسب تجارية سريعة وإذا سأله الناس لما تفعل ذلك ؟ كان جوابه إنه الواقع ياعزيزي ولم نزد عليه شيئا !!


الحقيقة صدمتي فى الدكتور البرادعي لا توصف ولا أجد الكلمات التى تنقل مابداخلي من شعور بالصدمة التي بدأت منذ أن تنحي الرجل قبل أيام قليلة عن إستكمال طريقه فى حلم الرئاسة الذي حلم به وكنا به نحلم معه أيضا , لقد عهدت فى الدكتور البرادعي صفات الرجل المتسامح الخلوق البشوش الذي طالما حلمنا معه بحلم التغيير الذي كنا نبغاه من سنين طويلة فى نظام غاشم وظلوم , حتى جاء هذا الرجل حاملا لواءه ومبشرا بماينذر بقرب حدوثه إلى أن أتى يوم الخامس والعشرون من يناير عام 2011 يوم أن عبّرنا جميعا عن مطالبنا فى التغيير , أوكد أنى لم أكن أفكر يوما أن أكتب مقالة أدعم فيها الدكتور البرادعي فى السابق , ولكني لطالما دخلت فى مناقشات مع أصدقاء لي كانوا يرون فى الدكتور البرادعي صفات عديدة لم تكن تشغل بالي حينها لأن الفكرة غلبت عليّ وقتها , وأقتناعي بما عاد من اجله البرادعي جعلني مع الكثيرين نؤمن سريعا بأفكاره وأرائه التي أثرت في وفيهم وهم على ماهم عليه الآن من مكاسب سياسية , وأعني الاخوان المسلمون الذين ألتفوا حوله وقت أن طرح المطالب الثمانية التي دعى من خلالها إلى أحداث تغيير حقيقي في مصر , لقد أعجبتني فكرة التغيير التى أتى بها الدكتور البرادعي فى عام 2009 وأيدناه فيها جميعا قوى ثورية وشبابية مختلفة الأيديولوجيات والأنتمائات وحتى أحزاب معارضة متناطحة شاركتنا تلك الفكرة وحتى الاخوان المسلمون " الجماعة المحظورة " حينها شاركتنا الحلم في وقتها من أجل أحداث التغيير الحقيقي فى مصر وقد حدث والحمد لله وأُسقط النظام وحدثت ثورة لم نتوقعها جميعا ولكن لم يكن فى حسباني أن مايحمله الرجل من مبادىء فى الماضي قد يتعارض مع مايحمله من أفكار وأخلاق داخلية طفت إلى السطح وأنحرفت به عن المسار السليم نحو مجتمع مُحافظ نتمناه جميعا ولا نصبو سواه .. أُسقط فى يدي خبر الأمس وكلي حزن وضيق من تصرف الدكتور البرادعي الذى لم يراعي أى أعتبارات ولا أي مشاعر للمسلمين .. شكرا للدكتور البرادعي رجل الفكرة وعفوا الدكتور البرادعي الذي رأيته بالأمس كان مخزيا حقا , أنتهي تأييدي لك منذ اليوم وحتى الأبد.


محمد حمدتو
15-2-2012



كن مع الثورة !

مع أقتراب يوم ذكرى ثورة 25 يناير المجيدة التى ستمر علينا بعض أيام قلائل , مرور الكرام الذى إذا لم نستعيد لها فيه رونقها المفقود منذ فترة ونؤكد على نزولنا يوم الخامس والعشرين المقبل من هذا الشهر للأحتفال بها بشكل سلمى وشرعى , بدون أن ننصاع إلى أى نظريات أو أفتراضات لمؤامرات تصورها لنا حكومتنا الغراء ويؤجج فتيلها من حين لأخر المجلس العسكرى الحاكم.

طبعا أغلبنا يُقر فى نفسه ما يقوم به المجلس العسكرى من قراءة لتحليلات للمشهد الجارى على أرض الواقع والسعى فى الكشف عن مؤامرة تُحاك خيوطها ضد مصر وشعبها , وتحديداً الآن ينفرط عقد هذه المؤامرة وتتضح بالتزامن مع الأحتفال بذكرى ثورة يناير, ولكن فى قراءات أخرى للأحداث سنرى أن الكثيرين لديهم شك أيضا فى سلامة نية المجلس فى مسألة تسليم السلطة وفى صدق أدعاءاته أيضا, خاصة مع توافد تصريحات من عينة تصريح كتصريح السيدة / فايزة أبو النجا الأخير الذى تقول فيه أن على " الولايات المتحدة الأمريكية " أن تقنن أوضاع المنظمات الحقوقية فى مصر حتى تستطيع مواصلة عملها بسلام , وبالرغم من المتعارف عليه أن تلك المنظمات تعمل فى مصر تحت بصر ورعاية أجهزة حماية أمن الدولة , لكن الغالب أن حكومتنا الحالية قد رأت أن أنسب الأوقات للإعلان عن وجود وتحويلات أموال تصل من الخارج هو نهاية عام الثورة الأول وبداية عام جديد يبدأ أول مايبدأه بالأحتفال بالذكرى الأولى للثورة.

فى الواقع أن أهم التحليلات الناتجة عن قراءة المشهد السياسى تُشير إلى وجود مؤامرات فعلا, ولكن هذه المؤامرات تكون غالباً ما فى الخفاء بشكل أو بأخر وبعلم أجهزة الدولة , ثم ماتلبث أن تصعد إلى سطح الأحداث فى التوقيت المراد لها أن تظهر فيه , والشاهد الحاضر يؤكد أن معنى المؤامرة نفسه كمفهوم مُرّكب قد ترسخ عند كثيرين من أبناء الشعب المصرى نظراً لوجود عوامل كثيرة منها ومنتشرة كـ ( تدنى مستوى الأقتصاد , سوء أدارة المرحلة الأنتقالية , الاعلان من حين لأخر عن وجود أطراف خارجية ودولية تعبث بأمن البلاد واستقراره , توالى غلق بعض المصانع الهامة فى مصر وأحلالها والأجهاز على من فيها بالتسريح أو بالتشريد .. إلخ من العوامل الأخرى) ولكن الجميع قد يتناسى أنه بغض النظر عن صحة أو كذب إدعاء المؤامرة ذاته , يبقى أن نؤكد على أمرين : وأولهما أن هذه المؤامرة وإن كانت حقيقة وتسعى إلى زعزعة وأمن أستقرار مصر فإن الواجب يحتم على المجلس العسكرى أن يُعلن عن تفاصيلها كاملة ثم يعمل على القضاء عليها وبدون الأنتظار إلى أنتهاء المرحلة الثالثة من الأنتخابات البرلمانية لمجلس الشعب وبدون أيضا أن ينتظر أن يأتى يوم 25 يناير القادم علينا ويحدث مالا يُحمد عقباه.

الأمر الثانى : وهو أن مادفع المجلس العسكرى إلى مهاجمة المنظمات الحقوقية والناشطة فى مجال عمل حقوق الانسان وهو أمر معلوم للأغلب ممن يعملون فى مجال حقوق الانسان والنشطاء الحقوقين وغيرهم , أن بعض تلك المنظمات سعت مؤخراً فى عمل ملاحقات قضائية لأعضاء المجلس العسكرى أمام هيئات قضائية مدنية , نظراً لتجاوزات بعض أفراد الجيش الذى يقع تحت مظلته , الأمر الذى لم يُقبل أو يُستساغ بالطبع لدى قادة المؤسسة العسكرية فى مصر, حتى لو ظننا وعلم العالم كله مثلنا وتأكد لديه أن ذلك المجلس العسكرى متورط فعلياً فى قتل بعض أفراد من أبناء الشعب المصرى , قد نتفق عليهم كثوار أو قد نختلف , وأنه حين حدوث تلك الملاحقات القضائية سيكون أمامنا مرحلة أخرى من القصاص المطلوب لكل من أجرم فى حق الشعب المصرى , وهو الأمر الذى لن يقبله المجلس العسكرى لنفسه , ولن تقبله قوى سياسية أخرى سيكون لها دوراً فى قيادة أدارة مستقبل مصر حتى وإن أعلنوا أنهم رافضين لممارسات المجلس العسكرى مراراً وتكرارا.

أخيرأ , أذكركم بأنه من الواجب المنوط إلينا به جميعاً أن نحتفل بذكرى قيام ثورتنا المجيدة فى أول ذكرى لها يوم 25 يناير المقبل , حتى وإن كان أحتفالنا هذا كأساً نتجرع منه ما يُنسينا ما آل اليه مسار الثورة , ويجعلنا فى نفس الوقت لا نهتم أننا كنا بصدد تحقيق مطالبها التى دعت إليها من أول يوم , مع العلم أنها قد تكون كأس الأحتفال الأخيرة إذا لم نتيقن جيداً وأن نعىّ أن الثورة تضيع من أيدينا يوماً تلو الأخر, والجميع الآن قد أنشغل بأحتفال أخر وهو " حفل تقطيع التورتة المباركة " ومتصارعين على من له سيكون فرض " أغنية الختام " .. لكم سلام وأحلى ختام .. , " كن مع الثورة " أرجوك.


محمد حمدتو
2012-1-2


عن اضراب الحادى عشر من فبراير أتحدث


عزيزي الداعي لعدم الأضراب .. أجب على الأسئلة الآتية

يقول علي بن أبى طالب : لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه

الداعون لعدم الاضراب يوم 11 فبراير كَثُر وهم فيهم أناس لهم أصوات مسموعة ومنابر مختلفة ومنهم شيوخ ودعاة معروفون ولهم جماهيرية عند قطاع كبير من المصريين , حقيقى أنا سأوافقكم على عدم الاضراب بشرط ان تجاوبونى على أسئلتى الاتية , بما إنى مواطن مصرى يعيش تحت مظلة الديمقراطية الآن ومن حقه أن يعرف , ولكن الواحد كان نفسه يشوفكم وانتم تتكلمون عن ضرر الاضراب يوم 11 فبراير وأنتم كثرة تتكلمون أيضا عن :


1- متى سيتم إعادة أموال الشعب المصرى المنهوبة والمهربة للخارج ؟؟ هل نُسى الموضوع من أصله ونُسى معه حقوق أهالى الشهداء فى القصاص لذويهم من القتلة وضاع حلم اقامة دولة العدل فى مصر؟.

2- متى سيتوقف تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل وغيرها من الدول الأخرى والشعب المصرى لا يجد ثمن الأنبوب الواحد ؟؟.

3- اعضاء المجلس العسكرى ومصدر ثرواتهم ومن أين أكتسبوها ؟؟.

4- أين تذهب ميزانيات القوات المسلحة المختلفة والمعونة الأمريكية المقدرة بمليار و300 مليون دولار وهل يوجد قانون يسمح لنا بمراجعة اعضاء المجلس فى تلك الميزانيات ؟؟ ليس نحن بالطبع ولكن الجهات المختصة.

5- متى ستقوم السلطات المختصة بفتح التحقيق فى أمر "منجم جبل السكرى للذهب" التى شغلت الرأى العام تحقيق فورى وحاسم وتوضيح أين تذهب تلك الثروات التى يقدر نصيب الفرد المصرى منها إلى مليون دولار على أقل تقدير بحسب طاقة إنتاج هذا المنجم وحده.

6- أين هى سوزان ثابت ؟؟ وهل لا يوجد ما يُدينها ويجعلنا نراها وراء القضبان مثل أبناءها ؟؟ هل أكتفيتم بأن تنازلت عما تملك من أموال وقصور وخلافه أم هى بريئة من 30 عام تم إفساد مصر فيها ونهب ثرواتها وتجويع شعبها بل وقتله فى أحيان كثيرة.

7- ماهى طبيعة العلاقة بين أعضاء المجلس العسكرى وسر زياراتهم المتلاحقة لامريكا من حين
لأخر فى نفس ذات الوقت الذى يُروَّج فيه لنظرية المؤامرة وعملاء أمريكا فى مصر ومقابلاتهم للامريكان فى الخارج والتمويل وخلافه ؟؟.

8- متى سيتم فتح التحقيق مع اعضاء المجلس العسكرى فى جرائم قتل المصريين دهسا وبالرصاص وسحل نساء مصر والاعتداء على شرفهن ؟؟ نقول فقط فتح التحقيق وليس شيئا أخر.

9- ماهو السبب فى الترويج دائما لنظرية المؤامرة قبل أى أحتفال للمصريين بذكرى ثورتهم وكذلك ذكرى التنحى ؟؟ ثم لا يحدث شيئا حينها إنما يحدث بعدها بأيام !! ومتى سيعلن المجلس العسكرى عن المتأمرون على البلاد كما يردد دائما والطرف الثالث الخفي فيها ؟؟.

10- متى سينال المصابون فى الثورة المقدرون بأكثر من ألفان من المصريين أو يزيدون نفس القدر الكافى أو الأدنى من الاهتمام والعلاج كما يناله الرئيس المخلوع ؟؟.

11- أين كنتم حين كان يُقتل كل شهر أبناء هذا الوطن ولم يكن ذنبهم سوى أنهم يريدون الخير لتلك البلد ويريدون التغيير الحقيقي لمصر بعكس ماكان يتم الترويج له بأنهم خونة وعملاء !! أم خنعت أرادتكم أمام مواقعكم ومصالحكم الشخصية ؟؟!.

12- متى يتم تغيير منهجية الداخلية فى مصر واسلوب ادارتها ؟ ومتى يتم التخلص ممن يعملون على تدبير المؤامرات فى مصر ويحرضون عليها وهم معلمون للشعب المصرى وأسألوا طرة ! أم سننتظر مذبحة أخرى جديدة كمذبحة بورسعيد ؟؟ ومتى نشعر بالأمان فى مصر وننعم به ؟؟.

13- متى تتحدثون عن المحبوسون على ذمة قضايا رأى وصدر ضدهم أحكام بالسجن تصل إلى 3 و5 سنوات أو يزيد أمام القضاء العسكرى؟؟ وهم من وصل عددهم إلى 15 ألف سجين وأكثرهم من أبناء الثورة !! ومتى يتم معاملتهم بالمثل كما يعامل المحبوسون فى طرة ويمثلون امام القضاء المدنى الطبيعى.

بشكل شخصى .. اذا وجدت منكم أجابات على تلك الأسئلة سأؤيّد دعواكم لعدم الاضراب يوم 11 فبراير والتسليم الكامل لدور المجلس العسكرى فى ادارة مصر فى المرحلة الانتقالية .. لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه .. صدقت ياعلي !

محمد حمدتو
10-2-2012




الخرطوش لا يزال فى جيبي !!




بداية أود أن أشارككم مشاعري المضطربة , فأنا منذ فترة أشعر بحالة قرف , قرف من قلب كل الحقائق , كل من لديه وجهة نظر يحاول أن يفرضها بالقوة على الآخرين بدعوى أن وجهة نظره هى الأصح , وهى مايجب أن يوافقه فيها المختلفين معه عليها , تلك الحالة التى تأتينى كلما شاهدت المتنطّعون وغلاة الدين وأخرون غيرهم يمارسون أدوارهم المفضلة فى سب وقذف الآخر ووصفه بصفات يحاسب عليها القانون " كالخيانة العظمى والعمالة وتصل فى كثير من الأحيان إلى العمالة لأمريكا كوصف النائب المحترم " مصطفى بكرى " للدكتور محمد البرادعى بأنه عميل أمريكا وجاء لينفذ مخطط أمريكا فى مصر فى جلسة أمس بمجلس الشعب , دون أن يقدم هذا النائب الذي يعلم القانون جيداً بحكم عمله فى المجلس سابقا الدليل على صحة كلامه , الأخ " عاصم عبد الماجد " المتحدث الرسمى بأسم الجماعة الإسلامية تلك الجماعة التى لُطخت أيديها مرات عديدة بدماء المصريين فى ثمانييات و تسعينيات القرن الماضى بدعم من أمن الدولة , يشكك هذا الشخص فى حركة 6 إبريل ويحرض ويستعدى الناس على عداوتها دون أدنى دليل أيضا على مايقوله , النائب المحترم " محمد أبو حامد " بجلسة أمس يحاول أحد النواب ويدعى " محمد مضر" أن يخطف من يده الخرطوش الذى أخرجه ليعرضه على المجلس , وسط تصفيق حاد من نواب المجلس فى المرتين , تلك ومرة حين أتهم بكرى البرادعى بالعمالة لأمريكا , ثم يناله " أبو حامد " ما يناله جراء فعلته الشنعاء تلك أو كما يُحب أن يراها نواب أغلبية المجلس الموقر , وتعمل ميديا الإخوان على تصويره بمن يركب الهوجة ويحرض الرأى العام عليهم , مع أن الجميع يعلم حقيقة أن الخرطوش لا يزال فى جيبي منذ " محمد محمود " أو ما قبلها فى " ماسبيرو" أوحتى مابعد الموقعتين فى " أحداث مجلس الوزراء" , ضحك .. , ثم فوق كل هذا كان للمجلس رأياً مختلفاً واتفق الأغلبية خلال جلسة الأمس 6 فبراير على أن الداخلية لم تُطلق الخرطوش على المتظاهرين .. ضحك مرة أخرى , بعض النواب كمصطفى بكرى يطالب المجلس بتفعيل القانون الخاص بحماية منشأت الدولة كوزارة الداخلية , نسى أو تناسى أن دولة العدل هى من تُحصن المنشأت وتحمى الناس وتجعلهم آمنين على أرواحهم وذويهم وليست القوة , بشرط أن نقيم العدل فيهم ونقتص ممن قتل وأراق دماء أبنائهم وأصاب منهم المئات , ها .. هل مازلتم هادئى الأنفس مطمئنين أم وصلت إليكم مشاعرى المضطربة , لم أكن أتمنى أن يصل إليكم هذا الشعور بالقرف ولكن ما العمل وتلك الحالة تتولد مع كل أحساس أو شعور بالعجز والقهر , قهر كل من مات أبنائهم غدرا , مع كل صيحة " آه " تخرج من قلب أم فارقها وحيدها بدون ذنب فعله , وعجز أمام رؤية صورة " أنس" صاحب الخمسة عشر ربيعا .. أنس الذى لم يكن يتخيل يوماً أن تسليته فى تشجيع فريقه المفضل وحجز مكانا فى مدرجاته ستُعجّل له بحجز مكانا أخر فى عالم مختلف تماما عن عالمنا , وقهر من ظُلموا وماتوا غدراً ليس فقط فى تلك الموقعة " استاد بورسعيد " إنما فى كل مرة يموت فيها شباب هذا الوطن , مع كل دعوى باطلة تُحرك الأحداث لصالحها وتدافع عن الباطل وتجعله حقاً وتنحى الحق جانباً وتجعله باطل .


وعجز أمام هذا الإعلام الرياضى القذر الذى يُمارس أدواراً فى غاية القذارة منذ أمد بعيد ضد الثوار وضد الثورة ويستغل هذا الإعلام أى حدث يقع ليقوم بالنفخ فى النار , وهدفه ليس إلا تحقيق أعلى نسب مشاهدة بين المتفرجين من اجل جلب المزيد من الاعلانات حتى ولو كان هذا على حساب أرواح ابناء هذا البلد الآمين , بعضهم يرغب فى إستكمال الدورى المصري رغم كل ماحدث , ليس سوى إلا للبقاء فى موقعه , فمتى توقف الدوري توقف دوره ولن يجد مايتحدث عنه بالطبع ومن ثم سيجلس فى بيته مشاهد مثلنا , هؤلاء بالرغم ماعندهم ولا نحسدهم عليه فهذا ليس محله يبحثون عن مصالحهم الشخصية فقط ولا تفرق معهم زيد مات أو عبيد أصيب , أو كما قال عنهم أحد النقاد الرياضيين فى حلقة باسم يوسف الأخيرة .. يعملون بمبدأ : اللى يتجوز أمي أقوله ياعمي.


صدقونى قلائل الآن من يبحثون عن مصلحة مصر دون رغبة فى أى مصلحة شخصية أو عائد من وراء ذلك , وهم للأسف " صغار " مصر بالكسرة وليست بالضمة إذا جاز التعبير يعنى , أو" شباب مصر النبيل" بالوصف الأدق لهؤلاء الشباب الذى لم يخدعه نواب مجلس شعب يرى الحقائق بالمقلوب ويدافع عن وزارة الداخلية وهو لم يأتى حتى الآن بفعل يشفي صدور قوم مؤمنين بثورتهم وبتحقيق أهدافها حتى النهاية , سأستعير جملة قرأتها بالأمس على صفحة " كلنا خالد سعيد " وتلخص المشهد كُليةً لأختم بها مقالتى :
" قبل الثورة " .. ماعندناش مشاكل فى البلد , ماعندناش فساد , ماعندناش فقر , ماعندناش توريث , " بعد الثورة " .. ماعندناش قناصة , ماعندناش سحل , ماعندناش كشف عذرية , ماعندناش خراطيش , وأزيد عليها أنا .. ماعندناش داخلية أساسا !! .


محمد حمدتو
2012-2-7


الديمقراطية لا شىء سواها !


فى أسس العلاقات بين الشعوب وممثليهم فى برلمانات الدول الديمقراطية نجد أن أحترام النواب المنتخبون من قبل الشعب والذين حصدوا أغلبية تصويتية مهدت لهم أغلبية كراسى تشريعية فى تلك البرلمانات .. حيث يأتى هذا الأحترام فى المرتبة الأولى , حتى لو أختلفت معهم فكريا أو تحفظت عليهم بعض التيارات أو الأحزاب التى لم يُمكّن لممثليها أن تستحوذ على نصيب وافر من الكراسى , أو حتى تراءى لهم أن تلك الأغلبية لن تحقق لهم أهدافهم و طموحهم السياسى والفكرى.


ومن قراءة سريعة لمشهد الأمس , حيث قامت بعض المناوشات بين شباب الإخوان التابعين للأغلبية البرلمانية الممثلة فى مجلس الشعب وبين شباب المتظاهرين المتنوعين الإنتماءات , فأرادوا هؤلاء المتظاهرين السير سلمياً متجهين نحو مجلس الشعب وجاعلينه هدفاً لتظاهراتهم , أرى أنه يجب علينا أولا : إقرار حق هؤلاء المتظاهرين فى التظاهر بحسب القانون الذى يمنحنا جميعا هذا الحق , و طالما لم يحثوا على التخريب وأبتدأت مظاهراتهم بشكل سلمى كما قيل , وأتفق مع هؤلاء المتظاهرين السلميين فى هذا المبدأ المكفول قانونا لهم ولكن أختلف مع تناول بعض المراقبين لما حدث بالأمس , حيث تناولوا الأمر من زاوية واحدة تدافع فقط عن هذا الحق الممنوح لهم من الدولة والمسموح به قانونا لهؤلاء المتظاهرين , وأرى أن من واجبات الجماهير الآن الحفاظ على المكتسب الديمقراطى الوحيد للثورة و المتمثل فى برلمان مجلس الشعب ومنحه الفرصة للتعبير عن المطالب الشعبية المختلفة , ومساندته فى ماتم الأجماع عليه من مطالبات ثورية وخلافها , للسعى على تنفيذ تلك المطالب بالوسائل المتاحة التى لن نقدر على تحقيقها " تلك المطالب المجمع عليها وغيرها من مطالب الشعب الأخرى " إلا مع تمكين المجلس الحالى تمكيناً تاماً من ممارسة مهامه , ومن ثم محاسبته إن أخطأ أو قصّر فى تنفيذها ولكن بعد مرور فترة تشريعية كاملة , نستطيع بعدها أن نقرر مانشاء ونحكم على من نشاء , كذلك أختلف فى مسألة تقدير أن تتولى الشرطة مسئولية حماية مجلس الشعب الآن وفى هذا التوقيت بالتحديد لا أحد أخر سواها , وأبرر ما أقول أن لنا أن نعتبر من المصادمات السابقة بين المتظاهرين والشرطة فى محمد محمود وماسبقها وما تلاها حال تولى الشرطة أمر فض أو إبعاد المتظاهرين عن مكان البرلمان , وأختلافى رغبة فى أن أؤكد على أنه يجب علينا جميعا أن نحمى الشرعية الوحيدة الحقيقية فى الدولة والتى يمثلها مجلس الشعب المنتخب إنتخاباً حراً لا شك فيه , وأعلم أن البعض سينكرون علي قولى هذا , ولكنى أكتب ماتراه قناعاتى ويراه غيرى أيضا صوابا , ثم كيف لنا أن نؤمّن مجلس الشعب بقوات الشرطة أو الجيش ونحن لم نزل خاضعين لأرادة فوقية تحكمنا منذ إحدى عشر شهرا مضت , أرادة ذلك المجلس الذى لم يتعاون قط فى تغيير شىء فى وزارة الداخلية وأجهزتها سوى العنواين , ولم يسعى لتغيير منهجية الشرطة وأسلوب عملها , بل دأب على أستخدامها فى قمع الثوار مرارا , ولنا فى واقعة اقتحام ميدان التحرير وشهادة وزير الداخلية الأسبق بشأنه وماتلا هذا الأقتحام من أحداث فى شارع محمد محمود خير شاهد ودليل , وفى جانب أخر تبقى الشرعية المعبرة عن أصوات الجماهير فى التمثيل البرلمانى فى مجلس الشعب هى من يُنقل إليها المطالب الخاصة بهؤلاء الجماهير عن طريق نواب هذا المجلس , ومن ثم يقومون أولئك النواب بطرحها على البرلمان المنتخب ليُستفتى عليها , وتبقى أيقونة التحرير وميدانه هى من يُعبر عن آمال ومطالب المصريين , وهى أيضا الممثل الشرعى لأصوات العامة , حيث يتجمع الثوار رافعين مطالبهم ومؤكدين عليها ومُصرّين أيضا , فقط أمنحوا هؤلاء النواب الفرصة كاملة غير منقوصة ليعبروا عنكم دون أن تلقوا عليهم التهم جزافاً ودون أن تخوّنوهم , لقد أمنّا جميعا بأن الديمقراطية خير حلال للعقد وللأزمات وعليه جرى إنتخاب مجلس الشعب , وعلينا أن نُسلّم أمورنا لمن جاءت بهم تلك الديمقراطية ومن ثم نراقب أعمالهم بدون تخوين أو إنتقاص من قدرهم , هى الديمقراطية لا شىء سواها .. والله أعلى وأعلم.


محمد حمدتو
2012-2-1