عقدة الخواجة أم شيزوفرينيا لا أرادية

يُقصد بمرض الفصام الشيزوفرينيا ضعف الترابط المنطقي بالتفكير , ومن ثم السلوك والتصرفات والأحاسيس , فيمكن للشخص نفسه أن يتصرف ويتكلم ويتعامل مع الناس بطريقة تبدو طبيعية تماما في بعض الأحيان ولكنه قد يقوم ببعض التصرفات الغريبة وكأنه شخص أخر في أحيان أخرى. هذه فقرة قصيرة مقتبسة من تعريف الفصام (الشيزوفرينيا) وقد أحطت بها هنا نظراً لحاجتي أن أعبر عن واقع محيط متغير أحيانا ومتفاقم أحياناً أُخر. لقد مللت عقدة الخواجة ..ومللت ان أنظر إلى وجوه لاهم لها سوى أن تبرز لنا مدى اهمية أن تعبر عن أنفسها من خلال اللجوء إلى الأقتباس من ثقافات الغير, ظناً منها أنها بذلك تكون أفضل حالا وألطف هيئة. كلما شاهدت إعلانات التلفاز أو يافطات إعلانات الشوارع , أوعند سماعي أحدهم يتحدث فى جواله. كلما تهيأت لي فرصة الجلوس مع بعض الأصدقاء الأعزاء, أو كلما جلست على الأنترنت متصفحاً مواقعى المفضلة "فيس بوك وتويتر" ..كلما أزدادت قناعاتي الشخصية وزاد إداركي أننا نعاني من عقدة الخواجة. لا أدري هل هي عقدة الخواجة التي نعانيها الآن أم هي شيزوفرينيا النفس " اللا إرادية " ولماذا الأصرار على أقتباس مالا ينفعنا لكي نحطم به ماينفع غيرنا , وهل هو واجب أم فريضة أن تظل أذاننا متعلقة بتلك المزيكا الإعلانية المقترنة بعرض لصيحات الموضة العالمية من قصات شعر مروراً بديفيلهات ملابس غربية بحتة وإنتهاءاً بكلمات ومصطلحات غريبة وغير منطقية ,أحد الأصدقاء عندي على الفيس بوك مُصراً على أن يكتب مخاطباً أصدقائه بالأنجليزية, وإعتراضي ليس على أن تكتب بها ولكن أن تجعلها لغة الحوار بينك وبين أصدقائك العرب الذين لا يجيدونها مثلك فهو أمراً غير مقبول. نعم هانت علينا لغتنا ومصدر فخري وإعتزازي كما هي مصدر فخر وأعتزاز الكثيرين مثلي ,كما هانت أيضا ثقافة عمرها آلاف السنين على أُناس رأوا في غيرها مصدراً ملهما لأسلوب حياتهم. والآن : أعطوني دليلاً واحداً على ان الغرب يتعاملون بنفس المنطق الذى نتعامل به نحن مع بعضنا البعض ؟ ..,أسمع أحدنا عن غربي بدل ملابسه أو طريقة حياته بملابسنا أو حتى تحدث بلغتنا "العربية" مع بنو جلدته, لقد أصبحت الشخصية الانفصامية الانهزامية هى أقرب وأحب الأشياء إلى قلوبنا , وبدون ان ندرك قدمنا الدليل على ذلك.. شباب حائر تائه لا يستطيع التفريق بين أن يحتفظ بهويته العربية الأصيلة وبين أن يظل فى نظر البعض ممن يرون ذلك تقدما وحداثه. أن يكون الشاب أو الفتاه مبهوران للدرجة التي تسوق أحدهم إلى ان يضيع وقته ويفني حياته فى إسقاط بنطال أو تقليد تسريحة شعر لاعب كرة أومطربة بوب حتى أرتداء أكسسوارات مقلدا نجوم الراب الزنوج, وترى الصنف الأخر يتباهى بنطق المصطلحات اللغوية الأنجليزية أو حتى الفرنسية دوما , ويزج بها بين الحين والأخر أمام أصدقائه لكي يؤكد حقيقة راسخة لاشك فيها أن التعليم المجاني لم يُخلق له. إن المتعارف عليه أن اللغات الأجنبية وبالتحديد الانجليزية السائدة والمستخدمة بين البشر كافة تستخدم عندما يحتاج متقنها لها لكى يحدث شخصاً هو فى الأصل يتحدث بها ويستطيع أن يخلق بها قناة حوار بينه وبين هذا الشخص , والعاقل هو من يدرك أن القوة تكمن فى الأنتماء للهوية والتراث والقومية فى حدود ذاتهم , فهذه العناصر الثلاثة بالتحديد هى منبع فخر وأعتزاز لأى ناطق على وجه الخليقة بأى لغة , ومتى أستبدل الفرد هذه الأشياء وأحل محلها ثقافات أخرى فقد روح شخصيته ومكنونها الذاتى , وأبلغ مثال هو مانملكه نحن ,فالأنحدار الفكرى الكامل يتجلى بوضوح لدى أُمة كاملة أستبدلت لغتها الفصحى بلغة سوقية ليست بشعبية ولا بعامية إنما هى لغة -مكس- خليط غير مفهوم وغير متسق , ودلائل الأنحدار تتضح في الشكل العام وحدود الحضارة الأنسانية لها , فجماليات الحضارة التي نقيّم عليها معايير قياس تقدم الشعوب هي فنون -العمارة- التي لا شك باتت لدينا في خبر كان , وكما هو معلوم بالضروة أن العمارة هي -مرآة الشعوب- , كان لزاماً علينا التأكيد على أن "اللغة" هي مقياس حضارتها.

إنهم يتأمرون علينا !






ذهبت صباح اليوم الخميس الموافق الرابع والعشرين 2011 إلى قنصلية مصر فى جده لأجد أبواب القنصلية قد أغلقت فى وجهى , بعد أن بت ليلتى أمس منزعجا من بيان القنصلية المصرية بقيادة السفير على العشرى والذى كان بخصوص أمر تصويت المصريين بالخارج وآليةالتصويت الجديدة التى أخترعوها, لقد أغلقوا أمامنا المجال تماما للتصويت على أول أنتخابات حقيقية لمصر , وهم يعلمون جيدا أن عدد المسجلين على موقع أنتخابات مصر تخطى حاجز المائة ألف شخص فقط فى السعودية من أجمالى الرقم المقدر بحوالى ثلثمائةألف فى جميع أنحاء العالم .

كانت المفاجأة مهولة, لقد أخبرونا فقط مساء أمس الأربعاء أن التصويت سيكون عن طريق البريد وأنه لابد لتفعيل صوتك أن تقوم بأرسال أستمارة التصويت الخاصة بك من موقع أنتخابات مصر بعد طباعتها ورقيا إلى القنصلية المصرية فى الرياض بعد أجراءك لعمليةالتصويت وأختيار المرشحين, وهذا الأمر الذى لاشك أنه سيدفع أغلبية المصريين بالامتناع قسرا عن التصويت فى الأنتخابات, بسبب أن الوسيلةالوحيدة لأرسال أستمارات التصويت فى هذا التوقيت الضيق (لاحظ أنه أعطى فقط الخميسمهلة لأرسال الأستمارات وأغلق الميعاد صباح يوم السبت السادس والعشرين من نوفمبرالحالى) كيف لنا أن نقوم بأرسال الأستمارات فى هذه القترة الضيقة, وبطبيعة الحالهم يعلمون ان البريد السعودى لا يعمل يوم الخميس مثل باقى المصالح هنا, فقط يوجد فى جده التى أعمل بها شركة تسمى (أرامكس) ترسل الطلبات فى خلال مدةوجيزة 24 ساعة ولكن بعد أن تدراكنا الأمر ولممنا شملنا ذهبنا إليها لنجد أن مكاتبهاأغلقت أبوابها الساعة الثانية ظهرا ولم يسمحوا لنا بالدخول, وعند سؤالنا عن تكلفةالأرسال بالبريد أخبرونا أن سعر أرسال المظروف حوالى 200 ريال سعودى للفرد وهومبلغ لن يقدر عليه رب أسرة متوسط أفرادها أربعة ممن يملكون بطاقة الرقم القومى ويحقلهم التصويت, ناهيك عن ان ميزانية أغلب المصريين هنا لا تسمح لأننا ببساطة فى نهاية الشهر, ولن يستطيع أيا منا دفع هذا المبلغ الآن.

لقدأتضح الأمر جيدا وتراءى لنا جميع هنا نحن المصريين المقيمون فى جده ,أن المجلس العسكرى يحيك لنا مؤامرة نسج خيوطها ببراعة, عندما أراد أن يثبت أنه متعاون معالمصريين فى الخارج قام بفتح التسجيل على الموقع " أنتخابات مصر" منذعشرة أيام مضت ثم قام بوضعنا فى خانة (اليك) ولم يطرح لنا اى بديل أو آلية نستطيعأن نقوم بأجراء التصويت بها على الأنتخابات , نفس مايُحاك للمتظاهرين الآن فى ميدان التحرير,يريدواان لا ينقلوا السطلة أبدا طالما ظلوا قابعين عليها ناهيك عن مساعيهم الخفية لتأجيل الأنتخابات بأى صورة وعرقلة العملية الديمقراطية فى مصر.

وأتساءل فى قرارة نفسى : هل تونس التى سمحت لمواطنيها فى الخارج بالتصويت على أول أنتخاباتبرلمانية ديمقراطية ووفرت لهم آلية تصويت محترمة .. هى أفضل منا حالا ؟؟ نعم أفضل.. لأن هناك من ُيسيطر على مقاليد الأمور وهم يمثلون الثوار بالطبع ,وبالطبع سيفتحون المجال لدخول الديمقراطية وسيدعمون تطبيقها بكل ما أوتى لهم من قوة , إن المجلس العسكرى بات هو صاحب الدورالأكبر لحفظ النظام القديم وأصبحت المعركة مكشوفة لكل من له عينيين وبصيرة.

لقدهانت عليهم أرواح المتظاهرين فى التحرير ومحمد محمود وسحقوهم والآن يكممون أفواهنا بالخارج بقلب بارد ووضاعة.. الحقيقة لا أملك إلا أن أقول"حسبى الله ونعم الوكيل فى كل من أراد بمصر وأبنائها شرا" وسعى للقضاءعلى أحلامهم فى أوطانهم ووجه كل طاقته سعياً لأهدار حقوقهم ومطالبهم السلمية والمشروعة,سأقولها كلمة وكلى حنق وغيظ على هؤلاء "أنها البداية فقط .. ولن نصمت أبدا ماحيينا, ولن ُيخرسنا أحد مهما علا وتمكن , وستنقشعى ياغمامة الظلم فدولتك اليومساعة, ودولة الأحرار السلميين إلى يوم الساعة.